وداعا المرحوم مولاي أدريس لمراني...
تمر علينا في مسيرة الحياة وجوه كثيرة ، نتواصل معها ردحا من الزمن ، ثم لا تلبث تلك العلاقة أن تنقطع بحتمية الموت ، غير أن نمطا من الرجال، أعطاهم الله من فضله الكثير من المواهب والمميزات والسجايا ، فرضوا بها حبهم على الناس ، كفقيدنا الأخ والصديق السي مولاي أدريس الذي لم أشارك مع الأسف الشديد، في تشيع جثمانه إلى مثواه الأخير علم ، لظروف الوباء اللعين، والذي كان من طينة من يموتون لكن لا يرحلون، الذين رغم التسليم بأن الموت سنة الحياة، وأنه لا راد لقضاء الله ومشيئته تعالى ، فإن فاجعة رحيله، أصابتني بألم شديد وتأثر عميق، صعب علي معها الحديث عن مآثره وخصاله، وعجزت كلماتي والعبارات عن الإلمام بمبادئه وأخلاقه، وهو الذي ظل على مدار حياته هو نفسه ، لم تغيره الأحوال، ولم يفقد لا الجوهر ولا الأصل ولا الانتماء ،وبقي مغربيا أصيلا، ووطنيا وعفيفا، وفاسجديديا خلوقا و"وافيا "متواضعا ، لم تسرقه الشهرة من علاقاته المتميزة بساكنة حيه، وجمهور كرة القدم "الواف" التي كانت تربطه بالكثير منهم صداقة عميقة ، حيث كان دائم الحضور في قلب مشاكلها ، يبذل قصارى الجهوده لخدمتها ويشارك بفعالية في ميادينها ، متجاوبا متحمسا مخلصا متحليا بإبتسامته الرائعة التي لم تفارق محياه ، حتى في أصعب الظروف.
تعازينا الحارة –وإن على بعد-إلى أنفسنا أولا، في فقدنا لأخينا العزيز وصديقنا المخلص، الذي جعلنا خروجه المبكر من حياتنا ، نلوك الوحدة متعطشين لرنين صوته ، وبسمة ثغره ، ورقة أحاديثه ، وبهاء طلعته ، وجمال نظراته .
وكن على يقين أيها الصديق الصادق ، والأخ الحنون ، والرفيقة النبيل ، أن رحيلك ليس خسارة لعائلتك الصغيرة فقط ، بل إنه خسارة لنا جميعا، نحن الذين رافقناك سنوات طويلة ، وأن روحك ستحوم في أرجاء حينا فاس الجديد طالما بقي عامرا بأهله ، ووجهك الباسم سيتربع على محراب صلواتنا وادعيتنا ما عمرنا فيها ، ونجمك المشع حنانا ، سيسطع ألقاً في آفاق حياتنا مع كل مطلع الشمس ومغربها دون أن يأفل.
وكن على يقين أيضا ، أن هذه الكلمات لا تفي بحق مقامك ولا مقدارك ، ولكنها حروف من وفاء نابعة من الاعماق لا بد منها لرجل يستحق كل الوفاء ، وسلام على روحك ، وارقد بطمأنينة وسكينة في مضجعك السرمدي تحت وشاح ثرى مدينتك التي أحببتها وخدمتها بقلبك وروحك وفكرك ، واعلم أنّك ستبقى خالداً في ذاكرة أهلك وأحبابك وأصدقائك وكل عشاق كرة القدم وعلى رأسهم جمهور "الواف" الذي يبقى إسمه موشوما في ذاكرة ووجدان محبيه لاعبا ومدربا واداريا..
وداعا أيها الأخ والصديق مولاي أدريس قيد حياتك ، ورحمة الله عليك وغفر لك ذنبك ، وطيب ثراك وجعل الجنة مثواك ، وكل تعازينا إلى كافة كل أهلك وأحبابك وأصهاره وأصدقائك و معارفك ، الذين نسأل المولى تعالى أن يربط على قلوبهم بالصبر ويمنحهم عظيم الأجر، أنه سميع مجيب ..
هوامش: المرحوم مولاي إدريس لمراني احد نجوم كرة القدم بمدينة فاس وحي فاس الجديد وبالأخص فريق الوداد الرياضي الفاسي "الواف "...
حميد طولست
