ما أجمل أن يكون في بلدنا جيشان، جيش أخضر يحرسنا ضد أي اعتداء عسكري خارجي وجيش ثان يحرس أجسادنا من أي هجوم داخلي، و لعلي أقصد بالجيش الثاني الجيش الأبيض، أليس الجيشان معا – في كل محنة– سندا و درعا أماميا، ها قد تعلمنا في ظروف الحجر الصحي هاته أن نغير الوجهة نحوهما معا، بعدما كانا أمام أعيننا ليل نهار يؤديان واجباتهما بكل تفان و استماتة ، كانت عيوننا مغلقة بالرغم من أنهما مفتوحتان عن آخرهما.
في ظل هذه الظروف العصيبة والتي احتد فيها الصراع بين الجيش الأبيض المغربي وهذا الفيروس الوافد، في هذه الأجواء المفعمة بالترقب اليومي لعدد الوفيات و المتعافين، صار الجيش الأبيض المغربي هو البطل الحقيقي الذي يهيمن على الميدان، بل صار أعز ما يطلب.
وحده الجيش الأبيض يعطيك فرصة ثانية للعيش ويمنحك استمرارا عندما يعتل في جسدك عضو ما، هو الوحيد الذي يعيد إصلاح الآلة بداخلك ويرجع لها حركيتها….، إن اللحظات الحقيقية التي يعيشها الإنسان في حياته كلها هي تلك التي يمضيها في المستشفى، في هذا المكان تحديدا تتخلى عن فكرة أنك خلقت لتكون خالدا ، تعود لرشدك و صوابك وتستعيد حواسك كلها، فالتفكير الثاقب و العميق يبدأ في المستشفى و ينتهي في المستشفى.
مؤخرا، رسم الفنان الإيطالي فرانكو ريفولي -امتنانا وتقديرا منه للأطباء الإيطاليين و محنتهم مع فيروس كورونا- لوحة تظهر فيها طبيبة بأجنحة و هي تحتضن بلطف و حنان خريطة إيطاليا على شكل طفل صغير، منحت اللوحة لأحد المستشفيات الإيطالية و صارت محط إعجاب ملايين الناس عبر العالم.
إن الجيش الأبيض وهو ينقذ الأرواح و يعيد لها وهجها و فرحتها و يخلصها من براثن المرض والألم والخوف ليوصلها لبر الأمان، يستحق فعلا لقب ملاك، ها قد تغيرت الأدوار و الأسماء في ظرف وجيز، ووحدها الأزمات تفعل هذا، صار الطبيب ملاكا…ألم يكن كذلك من قبل ؟ و نحن الذين لم نكن ستوعب أو نهتم للأمر….عجيب أمر هذا الفيروس الوافد و كأنه يعيدنا إلى جادة الصواب.
في أغلب دول العالم، يتم الاحتفال سنويا باليوم العالمي للطبيب تكريما لأدواره الكبيرة من أجل إنقاذ الأرواح، فالولايات المتحدة الأمريكية تحتفي بالطبيب في 30 مارس من كل سنة تخليدا منها لاكتشاف التخدير لأول مرة في الجراحة وقد كان ذلك عام 1842 بولاية جورجيا.
أما الفيتنام فتحتفل بيوم الطبيب في 28 فبراير من كل سنة، بينما اختارت كوبا يوم 3 دجنبر لتمجيد الطبيب و هذا التاريخ هو يوم ولادة أشهر أطبائها الدكتور كارلوس خوان فينلي مكتشف علاج الحمى الصفراء، كذلك تحتفي إيران بيوم الطبيب كل 23 غشت من كل سنة و هو تاريخ يوافق ولادة كبير الأطباء ابن سينا.
في المغرب وإكراما -لخدمات و تضحيات هذا الجيش التي لا تضاهى-أطباء و ممرضين و مساعدين طبيين وكل أصحاب البدلات البيضاء على اختلاف مراتبهم و درجاتهم… نقترح أن يتم تخليد اليوم الوطني للطبيب المغربي في 2 مارس من كل سنة وجعله عطلة رسمية وهو تاريخ يوافق دخول أول مريض بفيروس كورونا للمستشفى لتلقي العلاج…فتحية لهذا الجيش على امتداد التراب المغربي، جيش يحترف التضحية و التضحية تحترفه شعاره الحياة و لا شيء سوى الحياة.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- نوستالجيا
خديجة برعو
كل الشكر و الامتنان لطاقم جريدة ازيلال الحرة و اخص بالذكر الأخ و الصديق عزيز هيبي. صراحة نشرت مقالاتي العديدة عن جايحة كورونا في العديد من المجلات المغربية و العربية... لكن و انا اتصفح اليوم مجلتكم هاته لم أستطع ان امنع نفسي من شكركم و لم لا انكم من و في ازيلال... هاته المدينة الجميلة التي اشتغلت فيها خمس سنوات ولازلت اعزها كثيرا... دمتم أوفياء و دمتم في خدمة الأقلام الجادة.