|
|
جدلية الهوية و اللغة بالمغرب
أضيف في 07 مارس 2019 الساعة 13 : 16
جدلية الهوية واللغة بالمغرب
لا يختلف اثنان كون اللغة هي جوهر الوعي الوطني، و عند التعرض لها نعاود طرح اشكال الهوية، هذا الاشكال ظل مؤجلا و بقي المغرب معه يعيش في ظل ازدواج قيمي، انعكس على التعليم و عدم الحسم حول اي جيل نريد، و رسخ واقع التعدد اللغوي، و التعايش مع التناقضات، و بروز خليط لغوي بين اللغة العربية لغة مثقفي الجماهير الشعبية و لغة الدارجة لغة الحياة اليومية، و لغة النخبة الفرنسية.
و هذا التعدد، جعل واقع اللغة خاصة الفرنسية في المغرب عامل تحصين للنخب الموريسكية، المتحكمة في القطاعات الاستراتيجية، جعلت الحديث حول ضرورة الانفتاح اللغوي و الدعوة لمقاربة جدلية من أجل بلورة رؤية مستقبلية تتصادم مع الجناح الذي يدافع بضرورة تحصين الهوية، دون ان يحدد لمفهوم الهوية تعريف.
ان اللغة هي اداة تحمل قيم و لها علاقة جدلية بالواقع، خاصة عندما تهم دراسة العلوم، و هدم الفجوة، و لعل المسألة من التعقيد بمكان، لكون المسألة اللغوية وفق المفهوم الغرامشي له علاقة وطيدة بالثقافة الوطنية والشعبية وسيرورة تشكلها وتطورها في ظل التوافق المبني على الديمقراطية يساعد على تناولها وحلها الحل الإيجابي.
إن مطلب توحيد لغة العلوم هو مطلب يندرج ضمن تحقيق تكافؤ كمدخل من مداخل المواطنة، و هي في صلب الاختيار الديمقراطي، ولقد أفرز الاختلاف حول لغة تدريس العلوم سعي القوي المحافظة، لإبقاء الوضع على ما هو عليه، تحت مبرر الأصالة، دون أن تجرؤ عن فتح نقاش الهوية، والحال أن هدفها ليس غير الحفاظ على الهيمنة النخبوية، لتيار “عائلوقراطي” يبسط أجنحته على قطاعات ذات قيمة مضافة، والعلوم كمجال لدوران النخب تم ضرب محتواه، لضمان عدم التغيير الجذري يسمح بتحقيق الدوران النخبوي وكبح بروز فئة فاعلة في الأجيال الصاعدة.
ولعل من غرائب الأمور عند حزب الاستقلال، والنخب الموريسيكية، على وجه الخصوص، رفضو سابقا دسترة الأمازيغية، والآن يرفعون شعار “العربية” لتدريس العموم، لكنهم في حياتهم العادية لا يتحدثون إلا باللغة الفرنسية، لتبقى هذه اللغة كعائق طبقي أفرغ التعليم الجماهيري من أن يكون كعامل للتسلق الطبقي.. وبات هذا العامل حاجزا يمنع الدخول في تجمعاتهم المغلقة؛ كما نجد أصحاب هذا الشعار، أيضا، يتحدثون في حياتهم اليومية داخل بيوتهم ومع أبنائهم منذ الولادة بالفرنسية، ويسعون لإدخالهم لمدارس البعثات الفرنسية، ولا يشاهدون في التلفزة إلا القنوات الفرنسية، ولا يتابعون إلا الفضائيات الفرنسية التلاقي مع جناح قوى التدين السياسي هو تلاق طبيعي على اعتبار أن التعليم بشكله الحالي يضمن لقوى التدين السياسي امتدادا أكبر، بالنظر لتخلف العلمي والتكنولوجي مما خلق عنصر الثبات وشروط «استحالة» التغيير والتداول حول النخبة، و هي الآن تلتقي مع قوى التدين السياسي، في رفض دسترة الامازيغية و موقف من مسألة تدريس العلوم بالعربية لفئات الجماهير الشعبية، انطلاقا من محاولتهما إبقاء هيمنتهما الأولى من خلال إرثها الكبير من الاستقلال لليوم والثانية التي تريد المحافظة على تناقض المنظومة التعليمية التي يزودها بإنسان متناقض مع روح العصر، وعاجز عن الانخراط في الثقافة الكونية، لضمان استمراريتها لمدة أطول، وبالتالي فهي لا تهتمّ بوعي الواقع في العمق، لأنها لا تمتلك مشروع ديمقراطيا، يؤهلها لذلك، كي يتسنى لها تحقيق مصالح الجماهير الشعبية، من خلال تعليم عمومي قوي يوفر شروط دوران النخب.
بقلم/ لزرق رشيد
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|