راسلونا عبر البريد الالكتروني: [email protected]         الأحداث المغربية تعالج فوضى “اليوتوبر” المنتحل لصفة صحافي: “وجب تطبيق القانون”             المغرب..النسبة الإجمالية لملء السدود تقارب مستويات السنة الماضية             ملف “اسكوبار الصحراء”.. متابعة بعيوي والناصيري بتهم جديدة             الحوار الاجتماعي في قطاع الصحة..مسلسل متواصل والحكومة ستحسم في الخلافات             أزيلال: الدراسة والمصادقة على المشاريع المقترحة ضمن البرنامج الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية             إطلاق دعم إضافي لفائدة مهنيي النقل الطرقي             الجزائر تسلح السودان..بوادر مخطط إيراني خطير لزعزعة الاستقرار في إفريقيا             تكريم بطعم القهر...             المغرب يتوج بكأس أمم إفريقيا للفوتسال للمرة الثالثة على التوالي             التلقيح في المغرب..حماية للأطفال من الأمراض وتعزيز الصحة العامة             الكاف تلغي مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري بعد مصادرة أقمصة الفريق المغربي             ما وراء الاتهامات والتقارير..الجزائر معبر محوري لتهريب الكوكايين نحو أوروبا             أسعار الأضاحي مرشحة للارتفاع أكثر من السنة الماضية             ليلة القدر.. أمير المؤمنين يترأس بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء حفلا دينيا             عامل إقليم أزيلال يحيي ليلة القدر بالمسجد الأعظم بمدينة أزيلال             عيد الفطر بفرنسا الأربعاء 10 أبريل             كوت ديفوار .. الافتتاح الرسمي لمسجد محمد السادس بأبيدجان             مسجد محمد السادس بأبيدجان معلمة لتكريس قيم التسامح والانفتاح             حصيلة جديدة.. نسبة ملء السدود ترتفع إلى 32.20 في المائة             ملف “إسكوبار الصحراء”.. عودة الملف إلى النيابة العامة للحسم في تاريخ بدء أولى الجلسات             لا زيادة في أسعار قنينات الغاز بالمغرب في الوقت الراهن             لفتيت يدعو إلى تكييف قرار إغلاق الحمامات مع الوضعية المائية الحالية             الحكومة تشتغل مع المركزيات النقابية للتوصل إلى اتفاق سيعلن عنه قريبا             أوزين و"الطنز العكري"             صدمة كبيرة بعد إقدام تلميذ على الانتحارداخل مؤسسته التعليمية             ما هذا المستوى؟                                                                                                                                                                                                                                                           
 
كاريكاتير

 
مواقـــــــــــــــف

تكريم بطعم القهر...


لا أحدَ يُجادل بأن المغربَ يتقدَّم لكن…


لمحات من تاريخنا المعاصر.. التعريب الإيديولوجي في المغرب


تفاهة التلفزة المغربية في رمضان والتربية على "التكليخة"


التنمية البشرية.. الخروج من المأزق

 
أدسنس
 
حـــــــــــــــوادث

خمسة جرحى في حادثة سير بنواحي مدينة أزيلال

 
سياحـــــــــــــــة

عدد السياح الوافدين على المغرب بلغ 6,5 مليون سائح عند متم يونيو 2023

 
دوليـــــــــــــــــة

روسيا: بدء محاكمة متورطين في العمليات الارهابية التي اسفرت عن مقتل137 شخصا بموسكو

 
خدمات الجريدة
 

»   مواقع صديقة

 
 

»   سجل الزوار

 
 

»  راسلونا عبر البريد الالكتروني : [email protected]

 
 
ملفــــــــــــــــات

ملف “اسكوبار الصحراء”.. متابعة بعيوي والناصيري بتهم جديدة

 
وطنيـــــــــــــــــة

لفتيت يدعو إلى تكييف قرار إغلاق الحمامات مع الوضعية المائية الحالية

 
جــهـــــــــــــــات

ليلة القدر.. أمير المؤمنين يترأس بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء حفلا دينيا

 
 

في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية


أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 12 يناير 2019 الساعة 58 : 16


 

في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية


مع حلول السنة الامازيغية الجديدة، وكما هو الشأن كل عام، يكثر الحديث عن التقويم الفلاحي وعلاقته بالامازيغية وكذا علاقة الطقوس والاحتفالات التي تنتشر بشمال افريقا بهذا الحدث..

وإذا كان الاحتفال بهذا الحدث يجد فيه البعض نوعا من المغالاة والتعصب من طرف الامازيغ، حيث هناك من يذهب حد القول بان هذا الاحتفال مُختلق وتم ابتداعه من طرف الامازيغ، بل ان بعض الغلاة يذهبون حدّ اعتباره بدعة وضلالة كما هو الشأن بالنسبة لبعض شيوخ السلفية، إلا ان الهجوم هذه السنة كان مكثفا كما لو أن اعداء الامازيغية اتفقوا فيما بينهم لضرب ما حققته الحركة الامازيغية من مكتسبات بفضل نضالاتها الطويلة، ومحاولة التشويش على مطالبها المشروعة وضمنها ترسيم رأس السنة الامازيغية وجعله يوم عطلة مؤدى عنه، وكذا الاسراع بإخراج القانون التنظيمي المتعلق بدسترة الامازيغية كلغة رسمية بعد أكثر من 7 سنوات من التماطل في ظل "حكومات" العدالة والتنمية.

وبموازاة ذلك، لايزال بعض المناضلين من الحركة الثقافية، يجترّون بعض المعلومات، يختلط فيها الثقافي الانتروبولوجي بالتاريخي والأسطوري لنسج تأريخ للحدث، أضحت بالنسبة إليهم حقائق لا يمكن التخلي عنها، وذلك عن جهل بحقائق الموضوع وفي عملية تقليدية ببغاوية لبعض من كتبوا حول التقويم الامازيغي في البدايات الأولى للعمل به سواء من طرف الامازيغ(سكان شمال افريقيا أو "تامازغا") او من طرف الحركة الثقافية الامازيغية والحركة الأمازيغية من بعد ذلك..

هذه المعلومات المغلوطة هي التي تعطي وتفتح الفرص أمام بعض المناوئين لمطالب الحركة الامازيغية، التي اضحت مطالب كل الشعب المغربي مع بعض الاستثناءات لأشخاص يغردون خارج السرب، وذلك للضرب في امازيغية التقويم الأمازيغي كما فعل الوزير محمد بنعبد القادر الذي علّل بشكل غريب رفض الحكومة جعل رأس السنة الامازيغية يوم عطلة، حيث قال في تصريح داخل قبة البرلمان أن رأس السنة الامازيغية لا يمكن جعلها يوما وطنيا، كما تطالب بذلك الحركة الامازيغية، لأن التقويم الأمازيغي "مجرد تقويم فلاحي"!كذا.

فكرة وزير الوظيفة العمومية في حكومة العثماني، تلقفها أحد الاشخاص فكتب مقالا تحت الطلب ذيله بصفة "استاذ جامعي وباحث" وضمنه افكارا تنم عن جهل بالتاريخ واجترار لأفكار عنصرية ومتطرفة وكراهية للذات تندرج في ما سماه الاستاذ مصطفى القادري بـ""وطنية باحتقار الذات".

ولن نرد في مقالنا هذا على ما جاء من ترهات في مقال الاستاذ رشيد الادريسي، الموسوم بـ"أكذوبة السنة الأمازيغية.. وخطورتها كمشروع سياسي عنصري وطائفي "، لأنه بكل بساطة يعيدنا إلى الصفر وإلى مناقشة ابجديات تجاوزتها الحركة الامازيغية وهي مواضسع استوفت حقها من دراسات الباحثين والمتخصصين في مجال التاريخ والانتروبولوجيا وعلم الاجتماع واللسانيات وباقي العلوم المرتبطة بهذه المواضيع المتعلقة باللغة والثقافة والحضارة الامازيغية.

ثم أن الرد على مقال الادريسي قد يعطيه قيمة يدّعيها صاحبه وهي ليست فيه أصلا، وما تذييل "خربشاته" بصفة "الباحث والاستاذ الجامعي" إلا محاولة منه لإعطاء ما كتبه بعضا من الشرعية العلمية وهي مناورة ينزع إليها العديد من "الكتاب" الذين يفتقدون إلى الدليل العلمي ورصانة المنهج وحجة الاقناع..

وسنكتفي هنا، بالحديث على التقويم الامازيغي او الفلاحي كما يحلو لأصحابنا ترديده، ومحاولة تبديد بعض الخلط الذي يشوب الحديث عن السنة الامازيغية وبداية التقويم الامازيغي وبداية الأخذ  بسنة 950 ق.م كنقطة انطلاق لبداية التأريخ لهذا التقويم، كما سنتطرق إلى بعض مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة في المغرب وباقي دول تامازغا..

وفي هذا الصدد يمكن ملاحظة خلط الكعديد من نشطاء الحركة الامازيغية، عن جهل ودون سوء نية، بين التقويم الفلاحي وبين تاريخ اتخاذ سنة 950 ق.م كنقطة مفصلية لبداية التأريخ، فيما يصر البعض على الخلط بين الأحداث التاريخية والأساطير كالقول بان شيشونق 1 انتصر على رمسيس الثالث قرب تلمسان بالجزائر، والحال أن هذا الفرعون ينتمي للأسرة 20 فيما شيشونق ينتمي إلى الأسرة 22، فضلا عن ان تلمسان توجد بالغرب الجزائري وهي بعيدة كل البعد عن حدود مصر مع ليبيا القديمة..

ولتبديد بعض الغموض نورد فيما يلي مقالين كنا قد كتبناهما من قبل حول ذات المناسبة، مع بعض التغييرات الطفيفة:

دلالات الاحتفال بحلول السنة الامازيغية الجديدة

يحتفل الامازيغ المغاربة، كباقي إخوانهم في شمال افريقيا (تامازغا) كما الدياسبورا الامازيغية، بحلول السنة الامازيغية الجديدة التي تصادف هذه السنة 2969 وفقا للتقويم الأمازيغي، حيث يصادف الفاتح من ينّاير الامازيغي 14 يناير من التقويم  اليولياني وإن كان العديد من نشطاء الحركة الامازيغية يتخذون يوم 13 يناير كفاتح لينّاير من السنة الامازيغية(

 إلا أن بعض الدراسات التاريخية المرتبطة بالتقويم تؤكد أن فاتح يناير الامازيغي يوافق 14 من يناير حسب التقويم الكريكوري. انظر في هذا الصدد يومية بوعياد بخصوص التقويم الفلاحي بالمغرب)..

وتختلف مسميات ليلة الاحتفال برأس السنة الامازيغية حسب المناطق حيث يطلق عليها البعض "إيض سكاس"(ليلة السنة) او "تابّورت ن اسكاس"(باب السنة) فيما البعض الآخر يسميها حاكوزة او ينّاير ..

كما تختلف مظاهر الاحتفال بهذا الحدث سواء في ما يخص الطقوس والمعتقدات المرتبطة به او ألوان وأشكال الأكلات المحضرة بالمناسبة، وذلك باختلاف المناطق وبأنواع المحصولات المنتجة بها من حبوب وخضر وغيرها، والتي يجمعها في الأغلب الأعم ارتباط الامازيغ بالأرض كنبع للحياة واسمراريتها عبر صنوف الخيرات والغلال التي تهبها للإنسان...

وبموازاة مظاهر الاحتفال والبهجة التي تطبع هذه المناسبة يتفنن سكان شمال افريقيا في تحضير مختلف الأطباق التي تستمد مكوناتها من المنتوجات الفلاحية التي تتميز بها كل منطقة، مع غلبة حضور الحبوب والقطاني في جلها كدلالة رمزية على غنى محاصيل السنة المنفرطة والأمل في موسم فلاحي حافل بالعطاء والثمار، ومن بين صنوف الاكلات المحضرة بهذه المناسبة نجد أكلة "اروكيمن" او "حبوب شرشم" او "الشرشمة" او "سبع خضار"، ثم "تاكلة" او العصيدة، والكسكس بالدجاج..

كما ان "امنسي ن ينّاير" يتميز باختيار سعيدة او سعيد الحظ (انبارك، تانباركت)، وهو او هي من يعثر أثناء الأكل على "أغورمي"، "إغصّ" أو نواة حبة تمر يتم إخفاءها في الطبق المعد بهذه المناسبة..

الاحتفال بهذا الحدث يجد فيه البعض نوعا من المغالاة والتعصب من طرف الامازيغ، وهناك من يذهب حد القول بان هذا الاحتفال مُختلق وتم ابتداعه من طرف الامازيغ حيث يذهب البعض من الغلاة حدّ اعتباره بدعة وضلالة كما هو الشأن بالنسبة لبعض شيوخ السلفية..

والحال ان هذا الاحتفال يعتبر احد تمظهرات الثقافة والحضارة الامازيغية الموغلة في القدم والتي ترجع إلى أكثر من 3000 سنة حسب الوثائق التاريخية والآثار الاركيولويجية والدلائل الانتربولوجية المتوفرة..

ولتفنيد هذه الادعاءات، التي تدخل في إطار محاربة كل ما له علاقة بالثقافة والحضارة الامازيغيتين، وجب تذكير هؤلاء ان هذا الاحتفال هو ما يصطلح عليه في كل مناطق شمال افريقا بالسنة الفلاحية، التي يتم الاحتفال بها من طرف الجميع سواء كانوا يتكلمون الامازيغية ام لا، وهي مقرونة بالامازيغية لأن سكان هذه الأرض امازيغ وحضارتها امازيغية، وإن تم التعتيم على ذلك ومحاولة تجفيف منابع هذه الحضارة وتذويبها قسرا في ثقافات وحضارات وافدة، والدليل على ذلك هو اقتصار هذا الاحتفال حصرا على منطقة الشمال الافريقي، مع بعض المظاهر في الضفة الأخرى للبحر الابيض المتوسط بالنظر إلى تشابه المناخ وتقارب الفصول والمواسم الفلاحية وكذا علاقة التأثير والتأثر بين شعوب منطقة البحر الابيض المتوسط..

أما بخصوص حساب هذا التقويم وبداياته فإن الأمر يعود بالأساس إلى سنة 1980، وهي السنة التي قام فيها عمار النكادي، او الشاوي، بإصدار اول يومية بعد ان بحث في تاريخ الامازيغ حيث وقع الاختيار على سنة مفصلية وهي 950 قبل الميلاد وهي السنة التي عرفت تكوين الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين بعد ان تمكن شيشونغ الاول من اعتلاء العرش الفرعوني، وتكوين ذات الاسرة،( بدأ حكمه سنة 945 ق.م حسب المختصين وليس 950 كما اعتقد واضع اول يومية سنة 1980)، وكانت يومية النكادي تبدأ بفاتح يناير من التقويم الكريغوري كأول يوم من أايم السنة الفلاحية، وليس يوم 13 او 14 يناير كما هو الشأن من بعد.(انظر اليومية ادناه).

 

 

اول يومية للتقويم الامازيغي التي وضعها عمار النكادي الملقب بعمار الشاوي، وذلكي سنة 1980 ويمكن ملاحظة اقتران يوم فاتح يناير 1980 باليوم الأول من السنة الامازيغية 2960 لان النكادي عمد إلى مطابقة اليومية الامازيغية بالسنة الميلادية آنذاك

وهذه المعلومة كثيرا ما يتجاهلها من كتب حول بدايات استعمال 950 ق.ب كبداية للتأريخ حيث يرجعون الامر إلى ستينيات القرن العشرين مع مناضلي الاكاديمية الامازيغية "اكراو امازيغ" التي كان يشرف عليها بسعود محند اعراب، وهو خطأ شائع لأن هؤلاء لم يصدروا اية يومية بهذا الصدد بل كانوا ينادون بالاحتفال برأس السنة الامازيغية كشكل من أشكال تملك التاريخ والحضارة الامازيغية، ومن تم وجب التذكير بان اول واضع لليومية الامازيغية هو عمار النكادي.

وبخصوص هذه الاسرة 22 من الفراعنة وجب التنبيه إلى ان شيشونق الاول لم ينتصر على رمسيس الثالث، كما يٌتداول خطأ وسط بعض الاوساط الامازيغية، لأن رمسيس الثالث ينتمي للأسرة 20، وكانت فترة حكمه ما بين 1186و 1154 قبل الميلاد وهي فترة سابقة بكثير عن حكم شيشونق الاول، الذي امتد مابين 945و924 حسب بعض المتخصصين، وهو ما يطرح السؤال حول سنة 950 التي اعتمدها مناضلو اكراو امازيغ كبداية للتقويم الامازيغي..

ما هو موثوق به هو ان عهد رمسيس الثالث عرف عدة أحداث مهمة كانت لها آثار كبيرة على مصر ومستقبلها، كان أهمها الهجومات التي تعرضت لها من الجهة الغربية من طرف تحالف القبائل الامازيغة المكونة من اليبو والمشواش، وإلى هذه الاخيرة يعود اصل شيشونق الاول، الذي استطاع قبل اعتلائه العرش الحصول على شرف تنظيم احتفال جنائزي لوالده "نامارت" في عهد الفرعون سيامون، الذي كانت جيوشه تتكون في غالبيتها من الامازيغ، وهو ما رأى فيه المؤرخون عنوانا لهيمنة الامازيغ وبداية التحول الكبير في ميزان القوى الذي سيؤدي فيما بعد إلى اعتلاء الامازيغ عرش الفراعنة وتكوينهم للأسرة 22 التي امتد حكمها من حوالي  945 إلى 915 قبل الميلاد.(وليس 950 ق.م كما هو شائع منذ إصدار اول يومية امازيغية سنة 1980)..

وهنا وجب التنبيه إلى ان هذا الحدث التاريخي ليس بداية للاحتفال بالسنة الامازيغية او الفلاحية التي لا تعرف بالضبط  بداياته الاولى، وإن كانت الدراسات الانتروبولوجية والتاريخية تشير إلى امتداده بعيدا في التاريخ القديم لشمال افريقيا..

ان اعتماد هذا التأريخ من طرف الحركة الثقافية الامازيغية يدخل في إطار استراتيجية إحياء وتمثل الثقافة والحضارة الامازيغية، كما انه شكل من أشكال التحدي والممانعة في وجه السياسات الثقافية الاقصائية والتي اعتمدتها الأنظمة في دول شمال افريقيا، بعد جلاء الاستعمار، تجاه كل ما هو امازيغي..

ومن بين المطالب التي رفعتها الحركة الامازيغية بالمغرب منذ مدة اعتبار يوم 13 يناير،(يوم 14 في حقيقة الامر) الذي يصادف فاتح ينّار حسب التقويم الامازيغي، يوم عطلة شأنه في ذلك شأن باقي الأعياد الوطنية والدولية والدينية. وقد تم تنظيم مجموعة من الوقفات والتظاهرات الاحتجاجة والثقافية بمجموعة من المناطق بالمغرب، وذلك للتذكير بأهمية الحدث ومدى ارتباطه بالثقافة والحضارة المغربية حيث ان كل الأسر المغربية سواء كانت تتكلم الامازيغية او لا، تحتفل بهذه المناسبة تحت مسميات مختلفة، وقد استبق الرئيس بوتفليقة المسؤولين المغاربة في هذا الصدد واعلن يوم 12 يناير بالجزائر يوم عطلة مؤدى عنها ولن ندخل في تفاصيل الخلفيات والحيثيات التي دفعت بوتفليقة الذي يعد احد اشرس المناهضين للحقوق اللغوية والثقافية الامازيغية، إلا اننا نقول إن هذا الاعتراف ياـ ي كتتويج لمسيرة طويلة من النضال والتضحيات التي قدمتها الحركة الامازيغية سواء في عهد بوتفليقة( ما سمي باربيه الاسود او تافسوت تابركانت، على سبيل المثال..) اوقبله(احداث الربيع الامازيغي أو تافسوت تامازيغيت كمثال..).

الاحتفال برأس السنة الأمازيغية: الرموز والدلالات

إن تاريخ الشعوب لا يمن اختزاله في مجرد الأحداث التاريخية والوقائع المادية. إن كل حضارة أو ثقافة تحتوي على مكونات ذات أبعاد أسطورية ودينية وكونية مرتبطة اشد الارتباط فيما بينها، مما يسمح بخلق رؤية أصيلة للعالم والإنسان.

وباستثناء ابن خلدون (ذي الأصول الأمازيغية) الذي كتب في مقدمته أن لدى الامازيغ مجموعة من الأشياء والمسائل التي تميزهم والتي تؤكد أن الإله قد حباهم بعطف وعناية كبيرتين.. فإن الامازيغ من بين الشعوب التي لم تكتب تاريخها بنفسها وانطلاقا من وجهة نظر شعوبها، بل أن مجمل ما كُتب حول الامازيغ وحول تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم تم تأليفه من طرف الأقوام الأخرى سواء كانت غازية أو مستعمرة أو متعاملة معهم في إطار مبادلات تجارية..

إن الثراء الذي يميز الثقافة والحضارة الأمازيغية أصبح يتهدده النسيان والانقراض على اعتبار أن كل ما وصلنا عن هذا التراث كان شفهيا عن طريق الشعر والأمثال والحكايات.. وفي عصر العولمة وقبله عصر العوْربة ( تعريب المحيط والمجال والإنسان وإرجاع كل شيء إلى العرب، حتى الحصان..) أصبح الامازيغ مطالبين بكتابة تاريخهم بأنفسهم وإعادة الاعتبار لما يميزهم ثقافيا وحضاريا..

ومن بين الأشياء التي اختلف فيها الباحثون والمهتمون بالتاريخ الأمازيغي هناك طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية أو ما يسمى في المغرب بالسنة الفلاحية.

يذكرنا معظم المؤرخين بأن شمال أفريقيا دخلت التاريخ بوصول الفينيقيين إلى شواطئها، وذلك في نهاية القرن الثاني عشر قبل الميلاد، إلا أن البعض الآخر، شأن فيكتور بيكيه الذي يقول في كتابه "حضارات شمال أفريقيا"، "إن الليبيين (الامازيغ) كانت لهم حضارة وصناعة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت الملكية الوراثية تقليدا لديهم، وعقدوا تحالفات مربحة للغاية مع شعوب الجزر، ومع التيرانيين بالخصوص".

إن علاقات الليبيين أو الأمازيغ مع الفراعنة تعود إلى أول سلالة فرعونية أو "التينيسية"، حوالي 3300 ق. م.

وفي عهد السلالة 19، وخصوصا خلال عهد  Ménoptah، حوالي 1232-1224 قبل الميلاد، صدّ الفراعنة هجوما قام به الليبيون / الامازيغ الذين تحالفت معهم "شعوب البحر". إلا أن صمود وإرادة الامازيغ تغلبت في النهاية وأتت على المقاومة المصرية وذلك عام 950 قبل الميلاد،(945 ق.م حسب الدرلسات المعاصرة) عندما استولى شيشونق الأول Chéchang 1er،( وهو ليبي/ أمازيغي)، على دلتا النيل وأسس الأسرة الأمازيغية 22، والتي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمن.

وهناك تأويل آخر يؤكد على أنه كانت هناك صراعات ومعارك بين أمازيغ الشرق(ليبيا الحالية) والفراعنة على الحدود الشرقية من ليبيا، وكانت القبائل الليبية/الأمازيغية تتمكن كل مرة من هزيمة جيش مصر الفرعونية واحتلال أقاليمها. وبعد معارك دامية بين الجيشين، قرر الشعبين وضع حد لهذه الصراعات.

ويُرجح معظم الباحثين، أن شيشنق تمكن من الوصول إلى الكرسي الفرعوني بشكل سلمي في ظروف مضطربة في مصر القديمة، حيث سعى الفراعنة القدماء إلى الاستعانة به ضد الاضطرابات بعد الفوضى التي عمت مصر القديمة جراء تنامي سلطة العرافين الطيبيين(نسبة إلى طيبا).

وتقول بعض المصادر أن الليبيين عندما دخلوا مصر وأسسوا بها الأسرة 22، خلدوا فيما خلدوه من تقاليد خاصة بهم، الاحتفال بالسنة الأمازيغية أو الفلاحية كما نسميها في شمال أفريقيا.

ويذكر أن سكان شمال أفريقيا يحتفلون بهذه السنة الجديدة تحت مسميات كثيرة: ينّاير، حاكوزة، إيض سكّاس، تابّورن ننّاير...وتقام فيها بعض الطقوس المرتبطة بالفلاحة والزراعة كتعبير عن ارتباط الإنسان الأمازيغي بالأرض كرمز للأمومة والعطاء، ويتم الاحتفال بهذا الحدث في ليلة الثاني عشر من يناير حسب التقويم الغريغوري، إذ أن فاتح يناير من السنة الأمازيغية يوافق اليوم الثالث عشر من هذا التقويم.

وهناك بعض الجمعيات التي تحتفل به في يوم 12 يناير، وخاصة في الجزائر، ويوم 13 يناير في المغرب، إلا أن بعض الدراسات التاريخية المرتبطة بالتقويم تؤكد أن فاتح يناير الامازيغي يوافق 14 من يناير حسب التقويم الكريكوري وهو ما تورده كل سنة "يومية بوعياد" المتخصصة في التقويم الفلاحي بالمغرب، كما ان الامازيغ بالشاوية في الجزائر يقومون بنفس الشيء بخلاف الاخوة في منطقة القبائل الذين يحتفلون به يوم 12 ينار من التقويم الغريغوري..

وإذا كان الامازيغ في شمال افريقا قد دأبوا على الاحتفال بهذا الحدث وتخليده عبر القيام بمجموعة من الطقوس والمظاهر التي تختلف من منطقة لأخرى ووفقا للواقع والوسط الاجتماعي لكل جهة من تامازغا، فإن المؤكد أن بداية ربط هذا الاحتفال بتاريخ دخول شيشنق لمصر وتأسيسه للأسرة 22 الأمازيغية، يرجع إلى سنة 1980 وهي سنة وضع أول يومية امازيغية، بعد سنين من الاحتفال برأس السنة الامازيغية بمبادرة من أصدقاء "بسعود محند أعراب" في "الأكاديمية البربرية" بباريس التي تاسست أواسط ستينيات القرن الماضي ومطالبتهم بالتأريخ انطلاقا من "العصر الشيشنقي".

وقد اجمع العديد من مناضلي الحركة الامازيغية أن أول من وضع يومية بالتقويم الامازيغي هو المرحوم عمار النكادي المعروف بلقب عمار الشاوي، الذي توفي في 2 دجنبر 2009 بباريس، بعد ذلك انتشرت هذه الممارسة بين مناضلي الحركة الأمازيغية لتعمّم على جميع الجمعيات الثقافية الأمازيغية بدول تامازغا و"الدياسبورا".

وبذلك يكون مناضلو الحركة الأمازيغية قد استطاعوا التصالح مع تاريخ شمال أفريقيا عبر دمج الحدث التاريخي الموغل في القدم (تأسيس الأسرة 22 الامازيغية بمصر)، بالتقاليد والعادات المرتبطة بالأرض والتي تكوّن جزءا من هوية وثقافة هذا الشعب (الاحتفال بالارض)، في بوثقة المطالب السياسية والثقافية التي تعتبر من بين الأهداف التي تطالب بها الحركة الأمازيغية بشمال أفريقيا.

وإذا كان الاحتفال بالسنة الأمازيغية يكتسي طابعا احتفاليا يهدف إلى الاحتفاء بالأرض وبكل ما يرتبط بها باعتبارها منبعا للحياة وموردا للعطاء، مع ما يرتبط بذلك من أبعاد انتربولوجية، فإن هذا الاحتفال هو مناسبة وذريعة لأجل التعبير عن المطالب المشروعة للامازيغ والحرص على استغلال هذا الحدث كل سنة نظرا لما يكتسيه من دلالات رمزية وتاريخية من أجل توجيه رسائل وإشارات ونداءات سياسية إلى الدوائر الرسمية المسؤولة بغية الاستجابة لمطالب الحركة الأمازيغية والتي تشكل الهوية واللغة احد أعمدتها.

وتهيأ بعض الأطباق الخاصة بهذه المناسبة، وذلك تعبيرا على أهمية يناير كعيد للاحتفال بالأرض لما تتمتع به من عناصر الحياة العطاء..

وهكذا يقوم بعض السكان بتحضير الكسكس بلحم الديك وبخضر متنوعة (سبع خضر، احبوب شرشم)، وبالأخص في الجنوب الشرقي ومنطقة فكيك، وفي المساء يتم إعداد شربة "أوركيمن" (وهي أصل الحريرة التي نتناولها خلال شهر رمضان) تطبخ فيها كل أنواع محصولات تلك السنة من الحبوب، كما تقوم الأسر ببعض التقاليد المعروفة كوضع الحنة للأطفال وغير ذلك وفقا لخصوصياتها الثقافية والاجتماعية.

ويتم تضمين "نواة" التمر في أكلة "سبع خضار"، ويعتبر الشخص الذي يعثر عليها "مباركا" وميمونا وتمنح له مفاتيح المخزن " الخزين" استشرافا للأمل في مستقبل يكون فيه الموسم الفلاحي القادم مزدهرا وغنيا.

ويجتهد الامازيغ لتقديم كل ما لديهم من خيرات في هذه الأيام(11.12.13 يناير) إذ لا مجال للشّح والبخل في هذه اللحظات التي يجب التعبير فيها على السخاء لاستدرار عطف الطبيعة في الموسم الآتي.

وهناك بعض المناطق التي تحضر مختلف الأطباق من"تاكلاّ"، و"اوفتيين"  (حريرة بالحمص والفول والفاصوليا)، وأشبّاض، وتيغرفين، وأغاغ (العصير)..إلخ.

ويتم طلاء وصباغة المنازل وتغيير كل الأواني القديمة ويستحسن تغيير موضع الكانون أو الموقد (إنيان) وذلك لطرد النحس أو"اسفل"، كما أن الأعمال والأشغال يجب أن توقّف كـ"أسطّا" أو المنسج... وتوضع فوق كل سطح منزل مكنسة(Uzzu)  للحيلولة دون "سوء الطالع والنّحس"..

وهناك بعض المناطق التي تحتفل بليلة رأس السنة الأمازيغية وذلك بإقامة "كرنفال أيراد" أو "احتفال الأسد" وهو شبيه بما يقوم به الأطفال في الجنوب الشرقي بالمغرب وخاصة لدى قبائل "ايت ايزدك" بالريش، حيث يحتفلون في عاشوراء بما يسمى بـ"بوحصيرة"، الذي تختلط فيه التقاليد الأمازيغية باليهودية وبعض الطقوس القديمة، وهو شبيه إلى حد ما بما يسمى بـ"أوداي نتعشورت" بمنطقة كلميمة، أو "بيلماون" بسوس و"السبع بوبطاين" في بعض المناطق المغربية..

ذلك هو "أمنزو ن ينّاير" أو أول أيام يناير، وهو إيذان بدخول السنة الفلاحية الجديدة التي نتمنى أن تحظى الأمازيغية فيها بما تستحقه من عناية وإعادة اعتبار.. وكل سنة وانتم بألف خير

أسكّاس اماينو "2969" إغودان..

 

 

أزيلال الحرة/ بتصرف..

بقلم/ محمد بوداري صحافي وباحث







[email protected]

 

 التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الموضوع
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



المجتمع المدني المغربي ودوره في التنمية

إصلاحات بوتفليقة.. وعود فاتها القطار!

مدريد تفجر غضب مسلمي مليلية بعد منعها دخول اللحم الحلال من المغرب

الحراك في المغرب يقوي الإسلاميين قبل الانتخابات المبكرة

حملة مغربية لمكافحة الفساد

لطيفة العابدة تستعرض تفعيل نتائج الحوار الاجتماعي بقطاع التعليم المدرسي

الحقيقة وراء أسطورة نهاية العالم في 2012

قصة آدم عليه السلام

مندوب جديد للتعاون الوطني بأزيلال هل يلبي حاجيات الكثيرين

قصة ادريس ونوح عليهما السلام

بمناسبة حلول اسكّاس أماينو 2967..في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

اسكّاس أماينو 2968..في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

العداء البدوي ينظم السباق على الطريق بجماعة بزو إقليم ازيلال





 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  كاريكاتير

 
 

»  صوت وصورة

 
 

»  مجتمــــــــــــــــع

 
 

»  سياســــــــــــــة

 
 

»  تكافـــــــــــــــــل

 
 

»  اقتصـــــــــــــــاد

 
 

»  سياحـــــــــــــــة

 
 

»  وقائــــــــــــــــــع

 
 

»  وطنيـــــــــــــــــة

 
 

»  رياضــــــــــــــــة

 
 

»  حـــــــــــــــوادث

 
 

»  بيئــــــــــــــــــــة

 
 

»  جمعيــــــــــــات

 
 

»  جـــــــــــــــــــوار

 
 

»  تربويـــــــــــــــــة

 
 

»  ثقافــــــــــــــــــة

 
 

»  قضايـــــــــــــــــا

 
 

»  ملفــــــــــــــــات

 
 

»  من الأحبــــــــــار

 
 

»  جــهـــــــــــــــات

 
 

»  مواقـــــــــــــــف

 
 

»  دوليـــــــــــــــــة

 
 

»  متابعــــــــــــــات

 
 

»  متفرقــــــــــــات

 
 
أدسنس
 
سياســــــــــــــة

أوزين و"الطنز العكري"

 
تربويـــــــــــــــــة

أزيلال: المدرسة العتيقة سيدي إبراهيم البصير تحتفي بأبنائها المتفوقين دراسيا في حفل التميز

 
صوت وصورة

ما هذا المستوى؟


الندوة الصحافية لوليد الركراكي قبل لقاء منتخب أنغولا


استمرار بكاء الصحافة الإسبانية على إبراهيم دياز


مدرعات سريعة وفتاكة تعزز صفوف القوات البرية المغربية


تصنيف الفيفا الجديد للمنتخبات

 
وقائــــــــــــــــــع

صدمة كبيرة بعد إقدام تلميذ على الانتحارداخل مؤسسته التعليمية

 
مجتمــــــــــــــــع

التلقيح في المغرب..حماية للأطفال من الأمراض وتعزيز الصحة العامة

 
متابعــــــــــــــات

الحوار الاجتماعي في قطاع الصحة..مسلسل متواصل والحكومة ستحسم في الخلافات

 
البحث بالموقع
 
 شركة وصلة