العثماني والدولة والسلطة

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة. أحيانا يبدو أنه لا يريد أن يكون كذلك. صلاحيات عديدة بيده لكنه يحاول رميها كمن يتخلص من جمرة في يده. تخليته كمواطن لا حول ولا قوة له يشكو من ظلم السلطة عن طريق صفحته بالفيسبوك. كتب تدوينة عجيبة غريبة. تحدث عن البلطجة التي وقعت في مجلس مدينة الرباط مطالبا السلطة المعنية بالتدخل لوضع حد لهذه الفوضى. أي سلطة؟ هل هي سلطة خارج سلطة رئيس الحكومة؟ هل يعني هذا أن هناك سلطة فوق السلط التي نعرف؟

كان عبد الإله بنكيران يسميها التماسيح والعفاريت. تركنا نبحث عنها ومرر فوق ظهرنا كل الإجراءات ذات البعد غير الاجتماعي. تحرير الأسعار. قانون التقاعد وأمور أخرى. العثماني لم يبدع قاموسا خاصا به سوى البلطجة والداعشية. لكن يمارس سلطات رئيس الحكومة عبر الفيسبوك.

مرة كان عبد الإله بنكيران في نشاط بإحدى المعاهد الخاصة بوجدة فهاجمه جمع من المواطنين. لا ندري هل هم ناخبون مستاؤون من سياساته أم خصوم سياسيون مغلفون؟ لكن ما أثار الانتباه هو أن رئيس الحكومة، الذي تحت سلكته وزارة الداخلية والأمن والقوات المساعدة، قال بلا وعي "عيطو للدولة". يعرف أنه خارج منظومة الدولة وداخل منظومة جاءت بها تحولات الجغرافية السياسية.

ما الذي يمنع العثماني من أن يرفع سماعة الهاتف ويكلم وزير الداخلية، الذي هو تحت رئاسته، ليطلب منه تنفيذ القانون؟ الدستور ينص على أن كل مؤسسات الإدارة موضوعة رهن إشارة الحكومة وبالتالي رئيسها. كل مؤسسات الإدارة بما فيها إدارة الأمن والسلطات المحلية. لكن رئيس الحكومة يفضل عن ذلك التدوين عبر الفيسبوك مثل أي مواطن لا يستطيع تبليغ تظلمه إلا عن طريق الفضاء الأزرق.

يبدو الأمر بسيطا للبعض لكنه اختلاف في كبرى الأشياء. في مفهوم الدولة. "الإخوان" ليس لهم مع الاندماج. سيقضون سنوات الحكومة. لا يهمهم النتائج التي سيحققونها. هم معنيون بما يحققونه لأنفسهم. أشخاصا وجماعات. حسابهم الوحيد سيقدمونه للحركة: إلى أي مدى استطاعوا التمكين لها من خلال توليهم مناصب الحكومة؟

منطق عيطو للدولة محاولة للتخلص من المسؤوليات. إذا كان أبناء العدالة والتنمية يعتبرون أنفسهم أنهم من دون سلطات في الحكومة، وان السلطة في جهة أخرى فلا مانع لديهم من أن يضعوا مفاتيح الحكومة. ولكن الحكومة مؤسسة دستورية ورئيسها له صلاحيات محددة، وتحت مسؤوليته سلط محددة، فأن يلجأ إلى فيسبوك ليبحث عن السلطة كي تعيد إليه حقه نكون أمام قمة العبث.

إذا لم تكن قادرا على ممارسة الصلاحيات فأخبر من صوت عليك بذلك. لا تعلق فشلك على جهات مجهولة وعلى تماسيح وعفاريت جديدة.


بقلم/ عدار ادريس