|
|
المعدة والضمير
أضيف في 02 شتنبر 2018 الساعة 40 : 21
المعدة والضمير
ما أعظم النظافة حين تكون في عقولنا، ويكون رجل دولة هو الضمير، وسلوك الإنسان هو ما يدل على سياسته، والحق يستند إلى قوة تحميه، لا أن يتم استخدام الدين في السياسة لإفساد عقول الناس وتعليمهم كيف يخدعون أنفسهم. أو تكون السياسة هي منظومة من "التحراميات" تستند إلى النفاق والارتزاق، بدل من أن تكون منظومة أفكار وفن حوار رزين وخلاق.
الضمير هو قدرتنا على المعرفة والتمييز فيما إذا كانت أعمالنا خطأً أم صواباً. وإلا أصبحت "المعدة" مركز التفكير، والقاعدة الأساسية هي اختلاس المال العام واستعمال الشطط في السلطة، كل حسب موقع مسؤوليته. فمن ينظر أولا، إلى خريطة الأحزاب السياسية ببلادنا باعتبارها مرآة المجتمع المغربي ومنها تتشكل المؤسستان التنفيذية والتشريعية (أي الحكومة والبرلمان بغرفتيه) أكيد أنه سيصل إلى خلاصة مفادها، أن هذه الأحزاب لم تعد تعبر عن طموحات المغاربة ولا تغريهم بالانتماء إلى هياكلها الداخلية، وأنها أيضا أصبحت تفكر بالمعدة وتتدافع بالمناكب حول المناصب الشاغرة. والمنتمون إليها بخاصة من يصلون إلى قبة البرلمان أصبحوا يدافعون "على لمعاش ديالهم" في الوقت الذي أصبحت فيه الفوارق الاجتماعية بين نخبة الأغنياء والقاعدة العريضة من الفقراء في غياب الطبقة الوسطى، تزداد عمقا يوما عن يوم، والحقيقة لا أحد يمكن أن يتكهن بما يمكن أن يترتب عن مجموعة من القرارات التي اتخذتها حكومة العثماني ومن قبله بنكيران ونقولها بصراحة فإذا كانت حركة 20 فبراير رفعت مطالب سياسية تم الجواب عنها بتعديل الدستور المغربي فإن الحركات ذات المطالب الاجتماعية قد تكون خطيرة بفعل فقدان الأحزاب السياسية مصداقيتها بما فيها الأحزاب التقليدية التي أكلت تاريخها النضالي على ظهر الشهداء... ولم يعد لها ما تبيعه وتشتريه مع الدولة غير دمى من قصب. لذلك فالفساد كما العدم لا يكبر إلا في البرك الآسنة أو في ظل الحريات المخنوقة، ويكبر أيضا في غياب ربط المسؤولية بالحساب والعقاب ومن جهة أخرى وهذا هو الأخطر أن تصبح هذه الأحزاب التي من المفروض عليها بحكم ما ينص عليه الدستور المغربي من الالتزام على تأطير المواطنين واستقطابهم للانخراط داخل هياكلها التنظيمية – أصبحت – بدورها مجالا آمنا لرموز الفساد وهذا ما جعل هذه المؤسسات السياسية تدخل في غيبوبة بفعل التشابه حتى أن المواطن المغربي لم يعد يميّز بين أحزاب اليمين واليسار والأحزاب التي تلعب دور الوسيط العقاري... مما يفتح الباب أمام ظواهر جد خطيرة مثل التطرف والحركات غير المؤطرة التي تكون في غالبيتها تحت توجيه أيادٍ سوداء منها أعداء وحدتنا الترابية سواء في الداخل أو الخارج غايتها تقويض الاستقرار والأمن بالبلاد وزرع الشك في كل الخطوات التي قد تذهب بنا نحو ترسيخ أسس الديموقراطية. لقد ولى منطق "كم حاجة قضيناها بتركها" وأصبحنا أمام منطق "كم حاجة تركناها قد تقضي علينا".
وكما قلنا في سابق الكلام نحن هنا لا نرسم خريطة لليأس أكثر مما نحب أن يعيش هذا البلد في أمن واستقرار.
بقلم/ ورياش عبد الله
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|