|
|
بين مَفخرة برلمانية أمريكية ومَسخرة البرلمانيين في بلادنا
أضيف في 19 غشت 2018 الساعة 42 : 23
بين مَفخرة برلمانية أمريكية ومَسخرة البرلمانيين في بلادنا
اليوم، سنسوق قصّةً حول برلمانية وطنية، ومُخْلِصة لبلدها، رغْم تقدُّمها في السن؛ كانت عضوًا في لجنة الفضاء بالبرلمان الأمريكي إلى جانب كوْنها [Astrophysicienne].. اِسْمَعْ أيّها البرلماني المغربي المدافع عن التقاعد، والرّيع، وتعدُّد التعويضات، إلى جانب راتبٍ يفوق رواتبَ عدّة رؤساء حكومات في عدة دول.. اِسْمَع قصّة [لاَلاَّك] السيدة البرلمانية الأمريكية! اِسمَع أنت وصاحبة [جوج فرنك]؛ بلِ اسْمعَا معًا قصّةَ [لاَلاَّكُما] السيدة المحترمة [باربارة ميكولسْكي]؛ فما هي قصّة هذه البرلمانية يا تُرى؟ وما هو إنجازها؟ كان المسبار الفضائي [هابَلْ] قد صارت الصور التي يرسلها إلى الأرض باهتة، وغيْر واضحة، بسبب تقادُم المرآة العاكسة، وقد اشتغل المسبارُ لمدة تزيد عن (25) سنة دون كلل، حتى أصابه هذا العطبُ، وكانت كل مكّوكات الفضاء قد أُحيلت على التقاعد، وتوقّفَتِ الرّحلات الفضائية، وهي ثلاثةُ مكّوكات متبقّية بعد انفجار مكّوك الفضاء [شالنجير] سنة (1986) بعد ثوانٍ من انطلاقه؛ وانفجار المكّوك [كولومبيا] بعد دخوله الغلافَ الجوّي سنة (2003) ولم تَبْقَ إلاّ ثلاثة، وهي: [ديسكوڤري؛ وأنديڤور؛ وأطلانتيس]، ممّا يجعل الذهابَ إلى الفضاء لإصلاح المسبار [هابَلْ] أمرًا شبْه مستحيل..
احتدَم النقاشُ في لجنة الفضاء بالبرلمان، وكان كل الأعضاء ضد إصلاح هذا المسبار، وقال رئيسُ اللجنة للسيدة البرلمانية [ميكولسْكي]: [يا سيّدة باربارة؛ هذا المسبار شاخ، وتهالَك، وأنا لا يمكنني طلب ميزانية من خزينة الدولة للإنفاق على مشروع خاسر؛ فآتِني بتقرير من العلماء، والخبراء والمهندسين، حوْل إمكانية مشروع إصلاح مسبار (هابل) وبعْد ذلك نناقش الموضوع..].. فقالتِ السيّدة البرلمانيةُ للرئيس: [يا سيّدي الرئيس، هذا مفْخرة، ومجْد أمريكا، ونافذة الإنسانية على الكون؛ وأنا على يقين أنّه قابلٌ للإصلاح، وليس مغامرةً بأموال الدولة..]..
اتّصلتِ السيدةُ [ميكولسْكي] بمدير وكالة [نازا]، فأخبرها بأنّ هذا المشروع يتطلّب قرارًا سياسيا، وليس قرارًا علميًا؛ ثمّ مَن سيصمّم مرآةً جديدة، ومن سيقبل برحلة إلى المسبار من رواد الفضاء، ومن سيفحص محركات المكّوك، استعدادا لهذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر؟] قالت: [سوف أتدبّر الأمرَ]؛ وفي عدة أيام، من سنة [2009]، والسيدة تجري، وتتّصل حتى وهن العظمُ منها خاصة وهي متقدّمةٌ في السن؛ لكنّها وطنيةٌ صادقة، وحريصة على مجد أمّتها.. اتّصلتْ بالمهندس الذي صمّم مرآة (هابل) البالية، وتعهّد لها بتصميم مرآة جديدة أكبر حجمًا وأكثر وضوحًا ودقّة؛ لكنْ هناك مشكلة، وهي أنه إذا انكسر مسمارُ المرآة في المسبار، فلن تزول المرآةُ القديمة، ولن يتمّ استبدالُها، وسيفشل المشروع تمامًا؛ فطمأنتْه السّيدةُ البرلمانية، واتّصلتْ برائد فضاء كان قائدًا لعدّة رحلات فضائية، وقبِل المغامرةَ، وعيّن رائديْن كفأيْن يعرفهما جيّدا؛ وبعْد ستة أشهر، كانتِ المرآةُ جاهزةً، بعدما وافق رئيسُ لجنة الفضاء في البرلمان على الميزانية، وانتصب مكّوكُ الفضاء [ديسكوڤري]، وعلى متنه ثلاثة رواد فضاء، ومعهم المرآةُ الجديدة، وانطلق في هالةٍ من نار، ودخّانٍ إلى الفضاء..
وفي اليوم التالي، حضرتِ السّيدةُ [باربارة] إلى قاعة في وكالة [نازا] لتشاهدَ على الشاشة عمليةَ استبدال مرآة المسبار [هابَلْ]، وكانت تقرأُ آياتٍ من سِفْر [التكوين]، فحاول رائدُ الفضاء ليُديرَ المسمار الهشّ بعدما رسم علامةَ الصليب على جبهته، وصدْره، وكتفيْه، وأدخل المفتاحَ، وأدار المسمارَ الخطيرَ برفقٍ، فدار المسمارُ، وأخرجَه رائدُ الفضاء، وأشار بإبهامه إلى الأرض، وكان بعضُ المهندسين يُغْمِضون أعيُنهم لخطورة العملية؛ ثم ركّب رائدُ الفضاء المرآةَ الجديدة، وقال: [ستصلكم أُولى الصّور بعد ثوانٍ]؛ ولـمّا وصلتْ، كانت رائعةً، وواضحة؛ فقبّلَ رائدُ الفضاء المسبار وصاح: [ليُبارك الرّبُ أمريكا].. انهمرتِ السيدةُ [باربارة] بالبكاء، وكان الكلّ يهنِّئُها، ويقبّلها، مع عاصفة من التصفيقات، مع الابتهاج، والفرح بنجاح العملية، وعاد مسبارُ [هابَلْ] إلى شبابه سنة [2010]، واستقبل الرئيسُ الأمريكي النائبة البرلمانيةَ، ومهندس المرآة، وروّاد الفضاء، وقلّدهم أوسمةً عالية، وأقام مأدبة عشاء على شرفهم.. السيدة [باربارة ميكولسكي] تقاعدتْ، ولكنْ في الشارع كلّ المواطنين ينادونها: [مَفْخرة أمريكا] للإنجاز الذي دافعتْ عنه بقوة، كما ننوّه نحن في المغرب، بِمَسْخرة [التقاعد] الذي يدافع عنه النوابُ في برلماننا..
فارس محمد
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|