|
|
أيّام الموعظة بكى وأبكى وفي الحكومة بغى وطغى
أضيف في 09 غشت 2018 الساعة 09 : 23
أيّام الموعظة بكى وأبكى وفي الحكومة بغى وطغى
إنّ السياسة في هذه البلاد، قد صارت في مجموعها في خدمة التاجر المتسيّس، وتحصين مصالح المنافق الكذاب؛ وتهاوى الفكرُ، وماتتِ الرّوحُ الوطنية، وتسابق الانتهازيون نحو المناصب ذات المردودية العالية، وكأنّهم صراصير، تتسلّق الجدرانَ في سباق عنيد، على حدّ تعبير [فرانسوا مورياك].. تراهم يتناوبون على المناصب، وكأنهم زناةٌ يمارسون على امرأة (نكاح الرَّهْط) والناس ينظرون، وهذه المرأة هي خزينة أموال الأمّة، يملؤون منها البطون، ويشربون شُرْبَ الهيم، و(الهيم) هي الإبل العطشى.. ترى الواحدَ منهم أشبه في سلوكه بالقِرد، لا يترك غصنًا إلاّ بعدما يكون قد تشبّث بغصن آخر؛ فإذا استُبدِل مثلا في البرلمان برئيس فاشل جديد، تجد الفاشلَ القديمَ قد ترأّسَ وزارةً، صارت مِلكًا له، يفعل فيها ما يشاء، ويحوّل موظّفيها إلى عبيد، وإلى خدم وحشم، وهذه التي نسمّيها جزافًا بالنُّخب، هي نُخبٌ فاشلةٌ، وهي الأصل في الفساد ببلادنا، بسبب فساد سرائرها، وضمائرها؛ وهي سبب الظّلم الاجتماعي، والخراب الاقتصادي؛ هي التي تكرّس التعالي، والتطرُّفَ، والإفساد، وعملُها هو الذي يُلْقي بأطفال خارج المدارس، ويجعل الشبابَ العاطل واليائس يرتمي في أحضان الجريمة، والإرهاب، أو يركب البحرَ ليفرّ من جحيم بلاده، أو من وطن رحْب حوّلوه إلى سجن مظلم؛ هذه هي الحقيقة الصادمة للأسف..
فيوم (الثلاثاء 24 يوليوز 2018)، حضر رئيسُ حكومة الفاشلين إلى قبّة برلمان المدافعين عن تقاعدهم، وأعني به [العثماني] الذي أدهشنا، وأظهر العجائبَ في الكذب، والنفاق، والذي يكسب شهريًا من وراء فشله أكثرَ مّما يتقاضاه رؤساءُ حكومات [كرواتيا، وصربيا، وسلوڤينيا] مجتمعين؛ وخلال حضوره إلى هذا البرلمان الصُّوري، قالت برلمانيةٌ إنّ المغربَ يمرّ بأزمة مالية، وهي لم تَأْتِ بجديد، فكل المغاربة يعرفون أنه [لا جديد تحت الشمس] كما يقول علماءُ الفيزياء؛ فالقوة الشرائية للمواطنين انهارت، والأجور جُمِّدتْ، منذ سقط المغربُ تحت سيطرة [البيجدي] نتيجة [الربيع العربي]؛ والتقاعد نُسِفَ، والاقتطاعات من أجور عمّال وموظّفين ارتفعتْ؛ وعددُ العاطلين ازداد، وعدد المجرمين بلغ معدّلات وبائية، ونسبة الانتحارات تجاوزتْ خطّ اللاّعودة؛ وأثمان المحروقات ألهبتْ جيوبَ وجلودَ المواطنين؛ ومع ذلك، يتحدّث الفاسدون عن إصلاح الإدارة، والتعليم، والصّحة، وبذلك يضحكون على ذقون المغاربة، وكأنّ هؤلاء الفاسدين في حكومة الباعة، والتجار، أمسَوا أشبه بجنيرالات يريدون كسْب حربٍ بجنود حفاة، وعراة، ومرضى، وجائعين، وقد أنستْهم بِطْنتُهم أوضاعَ هذا الجيش البائس، الذي لا يستطيع كسب معركة واحدة، فما بالُكَ بحرب شاملة ضد التخلف، والبؤس نتيجة اليأس، وتعاسة الأحوال..
قالت هذه البرلمانية إن البلادَ تمرّ بأزمة مالية؛ فأجابها [العثماني] (ظاهرةُ زمانه) بأنّه ليس هناك أزمة، بدليل أنّ البرلمانيين يحصلون على رواتبهم كلّ شهر.. فلو لم يحصلْ كلُّ الموظفين، والعمال، والمأجورين، في البلاد على رواتبهم، لما اعتُبرتِ البلادُ في أزمة مالية، ما دام [العثماني] وزُمرتُه الذئبية الحكومية، والطوائف الغُثائية البرلمانية، كلّهم يتقاضون أجورَهم، وهؤلاء، هم المغاربة الذين يحْرص (العثماني) على أجورهم؛ وهؤلاء هم أبناء الوطن الذي استشهد الشهداءُ من أجله؛ أمّا الشعب كله، وإنْ لم يتقَاضَ أجرَه، فلا يعتبر ذلك أزمةً مالية، لأنه مجرّد قطيع، وليس شعبًا..
في الجزائر، وتونس، ومصر، والأردن، وإسبانيا كان هناك رؤساء حكومات لم يفعلوا ما فعله (العثماني) وما قاله؛ وكانوا بأحسنَ منه بكثير، ومع ذلك ضُرِبوا على قفاهم ضربات قاسية، مصحوبة بركلات على مؤخراتهم، وهم خارجون عبر أبواب مقرات حكوماتهم، وتنفّستِ الشعوبُ الصُّعداء، وأدرك هؤلاء الرؤساء أنّ الشعوبَ لا تُقْهَر كما قال [روسو]، وهو ما لا يؤمِن به الظالمُ (العثماني)، رئيسُ حكومة الذئاب، ورئيس حزب يتشبّث بتعاليم [ابن تيمية] الظلامي.. فالقادم من حزب (البجيدي) الظلامي، يعاني من انفصام، وازدواجية في الشخصية؛ فإذا كان وقت الموعظة بكى وأبكى؛ أمّا إذا وصل إلى السلطة بغى وطغى؛ أليس [بنكيران، والعثماني] كانا واعظيْن، ولـمّا وصلا إلى الحكومة، صارا طاغييْن؟!
بقلم/ فارس محمد
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|