سعيد عبد القادر الفكيكي المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا

المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا

يطالب رئيس المجلس الأعلى للجالية بالرحيل

     يبدو أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج بدأت تستشعر بخطورة استقرار وضعها في ديار الاستقبال نتيجة استباحة الأزمة المالية التي هزت العالم خلال نهاية العشرية الأولى من الألفية الثالثة، وبالتحديد في غرب أوربا التي خلطت هذه الأزمة أوراق حساباتها المالية وأوراق سياسييها ورجال اقتصادها، وهوما خلق احتقانا ماليا واجتماعيا عكسته التظاهرات المستمرة لشعوب دول أوروبا والغرب بصفة عامة، ورفضها المطلق لسياسة التقشف التي أعلنتها العديد من حكومات هذه الدول.

      في ظل هذا المناخ الذي يتفاقم فيه الوضع الاقتصادي الغربي يوما عن يوم، وتتسارع فيه العديد من الشركات والمؤسسات إلى تسريح موظفيها ، تجد الجالية المغربية بالخارج نفسها في وضع آفاقه قاتمة، وغير واضحة المعالم، مما اضطر معه العديد منهم حمل ما جمعه طيلة سنين الكد والجد في محاولة البحث عن فضاء في وطنه لاستثمار هذا الجهد المادي والعلمي الذي اكتسبه في ديار الغربة. مستغلا في ذلك جهد الدولة المتواصل من أجل تيسير مهام الجالية المغربية لقضاء شؤونها في ظروف أحسن بداخل وطنها وترسيخ تواصل الجالية المستمر مع وطنها والإسهام في تنميته وتقدمه وازدهاره، حيث تعاطت الدولة مع قضايا المهاجرين من خلال إطار مؤسساتي يغيب عنه توحيد الرؤية والتوجه وتوزيع الاختصاصات ( مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ، الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، مؤسسة محمد الخامس للتضامن) ولإشراك هذه الجالية في وضع التصورات والخطط والبرامج التي تخدم مصالح جاليتنا ، أنشأت الدولة المجلس الأعلى للجالية المغربية المقيمة بالخارج ، وذلك لتدارس مختلف قضاياهم ومشاكلهم وتطلعاتهم.فيما تبقى شريحة كبيرة من جاليتنا تعاني ظروفا مأساوية في دول الاستقبال مع ما طالها من تهميش وتسريح إثر هذه الأزمة المالية التي خنقت الاقتصاد الأوروبي والغربي عموما، وهو ما يطرح التفكير باستعجال كبير في إيجاد حلول واقعية من طرف مختلف الأطراف المتدخلة في موضوع الهجرة، وذلك من خلال تشريح واقعي لظروف عيش المهاجرين بدول الاستقبال ووضع إستراتيجية واضحة المعالم وواقعية التطبيق ، وهو عمل يعني الدولة بالدرجة الأولى ، و يدخل في صلب مسؤولية المجلس الأعلى للجالية المغربية الذي يتحمل قسطا كبيرا من تداعيات الأزمة المالية العالمية وعواقبها الوخيمة على الجالية المغربية، باعتباره صوتها والمدافع عنها أمام الدوائر الحكومية المغربية، وأمام الدوائر الحكومية لدى دول الاستقبال.

    إلا أن هذا المجلس ومنذ تأسيسه لم يرض عنه العديد من التنظيمات الجمعوية للجالية المغربية بدول المهجر، حيث واكب إنشاءه وطريقة تشكيل مكتبه العديد من ردود الفعل القوية والرافضة للأسلوب ألإقصائي التي تعرضت له العديد من الكفاءات المغربية بديار المهجر، وهو ما خلق نشازا في تركيبته وعمله، مما أعاق المجلس الأعلى للجالية في أن يفلح فيما ما راهنت عليه الجالية المغربية من تحقيق جملة من مطالبها وإيجاد حلول ولو لجزء من مشاكلها في ديار المهجر كما بداخل الوطن، مما دفع بالعديد من الأصوات منفردة أو في شكل تنظيمات المجتمع المدني بالمطالبة  باستقالة أعضاء المجلس الأعلى الذي أصبح حسب رأي سعيد عبد القادر الفكيكي المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا عاجزا عن تنفيذ ما تم التنصيص عليه في القانون المنظم للمجلس والرهانات التي انتظرتها منه الجالية المغربية، وشدد في حديث له على ضرورة استقالة إدريس اليزمي رئيس المجلس الأعلى للجالية، مشيرا إلى أن الجالية المغربية تزخر بالطاقات البشرية الخلاقة والمبدعة يمكنها أن تتحمل مسؤولية تسيير المجلس وفق ما تنتظره الجالية منه، ووفق ما يحقق التصور العام الذي جاء من أجله إحداث هذا المجلس.

   ويراهن سعيد عبد القادر الفكيكي المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا على الجالية اليهودية المغربية في الدفاع عن القضايا الكبرى للوطن وهو ما أثبتته -حسب سعيد عبد القادر- هذه الفئة من المواطنين المغاربة بديار المهجر على مر السنين، مطالبا الحكومة المغربية بالاهتمام بها وإشراكها في البرامج والمشاريع المتعلقة بالجالية المغربية بالخارج، وأوضح أن رد الاعتبار للجيل الأول من جاليتنا هو ربط الماضي بالحاضر واستشراف للمستقبل ، نظرا لما أسداه هؤلاء من خدمات جليلة للوطن وكذلك هي فرصة لتذكير الجيل الثاني والثالث بمدى اهتمام الوطن بأبنائه أبا عن جد، وبالتالي تحفيز هذه الأجيال للارتباط بالوطن، والذود عنه في المحافل الدولية وإبراز وجهه المشرق ونضارة حضارته الضاربة في عمق التاريخ  .

   ويشدد المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا في حديثه على ضرورة رحيل رئيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج، وباقي أعضاء مكتبه، والاعتراف بفشلهم في تدبير شؤون الجالية، واعتماد انتخابات نزيهة في اختيار أعضاء المجلس المقبل يتشكلون من كفاءات وخبرات مشهود لهم بها، كما دعا الحكومة المغربية إلى تعيين قناصلة من أفراد الجالية المغربية في دول الاستقبال، لأنهم أدرى بمشاكل جاليتنا بالخارج.

    وأشار إلى أن أبرز المشاكل هي مشاكل التربية والتعليم، فالأجيال الأولى للهجرة بذلت مجهودات جبارة من أجل الحفاظ على الهوية وتعزيز القيم المغربية الأصيلة وانخرط الجيل الذي بعده في الحرص على تعليم الأبناء اللغة العربية وخلق العديد من الوداديات و الجمعيات والمنظمات التي أفرزت فضاءات مهمة للتلاقي والحوار بين أبناء مختلف الأجيال، إلا أن هذه الجهود كلها تبقى مبادرات تطوعية محضة فردية أو جماعية ، مما يهددها بالفشل في غياب الحرص على توفير كل شروط نجاحها ، وهو ما يستدعي ضرورة الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المؤسساتي المدعوم من طرف الدولة عبر إرسال معلمين وأساتذة وعلماء دين مغاربة أكفاء، متمكنين من ثقافة ولغة بلدان المهجر.

    وحذر المنسق العام للفيدراليات والجمعيات بأروبا وأمريكا ودول الشرق الأوسط وإفريقيا من الفوضى التي تعيشها العديد من الجمعيات والمنظمات والوداديات  الممثلة للمهاجرين في الدول الأروبية، وباقي مختلف أنحاء العالم، وهو ما يفرض التعجيل، يؤكد سعيد عبد القادر الفيكيكي بإعادة النظر في وضعية هذه الجمعيات والوداديات والمنظمات، وضبطها وفق ما يخدم مصالح الجالية المغربية والمصالح العليا للوطن.ودعا إلى ضرورة تجميع هذه الجمعيات والوداديات في شكل شبكات منظمة وموحدة تشكل لوبي مغربي قوي في ديار المهجر، يسهل على الدولة المغربية الحديث معها وفتح نقاشات مثمرة ومفيدة معها  لصالحها ولصالح وطنها الأم. وطالب سعيد عبد القادر الفيكيكي الجالية المغربية بالحق في المشاركة السياسية ومراعاة تمثيليتهم في مختلف المجالس الاستشارية . كما أوصى بتنظيم لقاءات تحسيسية منتظمة من قبل مختلف الإدارات المعنية بشؤون المهاجرين في ديار الاستقبال لشرح مختلف المستجدات والتطورات التي تشهدها بلادنا على مستوى تحديث الترسانة القانونية، كما على مستوى الآفاق الاستشرافية للاستثمار في المغرب والتسهيلات الموضوعة رهن إشارة الجالية المغربية بالخارج، وحرص في حديثه على أهمية تنظيم ملتقيات سنوية منتظمة تناقش وتساهم فيها الجالية المغربية في المجالات الاقتصادية والفكرية والأدبية والسياسية ، تبرز إبداع  الجالية المغربية في ديار الاستقبال وأهمية مشاركتها في الحياة الوطنية للوطن الأم.

      وفي سياق متصل أعلنت الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج نهاية شهر شتنبرالمنصرم عن برنامج "مغاربة الخارج من أجل التنمية بالمغرب" في إطار تنفيذ برنامج التعاون بين بلجيكا والمغرب الموجه لتعبئة الكفاءات المغربية المقيمة في بلجيكا لتنفيذ مشاريع استثمارية في بلدهم الأصلي٬ سيعود بالفائدة بشكل تجريبي٬ على التنمية السوسيواقتصادية٬ في ثلاث جهات٬ وهي طنجة-تطوان٬ وتازة-الحسيمة-تاونات والجهة الشرقية٬ يتوخى إحداث 15 مقاولة على الأقل في قطاعات إنتاجية من خلال توفير الدعم والمساعدة للمنعشين المغاربة المقيمين في بلجيكا بغلاف مالي يقدر ب 2ر1 مليون أورو.

الرباط/ *عبد السلام العزوزي

** صحافي وكاتب