احتفظت الاختلالات المرصودة داخل مؤسسات الجماعات المحلية بالمغرب بنصيب الأسد ضمن المجلدات الخاصة بتقارير المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، فقد وقف قضاة الميداوي على خروقات متنوعة داخل هذه المؤسسات تمتد من اختلالات التدبير الإداري، إلى الشطط في استعمال السلطة، مرورا بالتفويات والصفقات المشبوهة، وصولا إلى اختزال الجماعات المحلية في مؤسسة للإغتناء السريع بكل بساطة...
الخروقات الكثيرة التي تم رصدها داخل أهم مؤسسة لتدبير الشؤون المحلية للمواطنين تدفع المواطنين إلى الاقتناع بأن زمن اللاعقاب لايزال ساريا -على الأقل داخل هذه المؤسسات-، فقد أضحى عدد كبير من الرؤساء يتمتعون بحصانة غير مرئية لايقرها أي قانون، تمكنهم من الاستمرار في الانخراط في مسلسل التجاوزات دون حسيب أو رقيب.
مؤخرا، طالت يد العدالة بعض المسؤولين الذين وردت خروقاتهم ضمن تقارير قضاة الميداوي، ومنهم من يتم التحقيق معه وهو في حالة اعتقال، في حين فإن البعض الآخر يتردد على مكاتب النيابة العامة قصد التحقيق وهم في حالة سراح مقيد، لكن ورغم أهمية هذه الإشارات الرامية إلى تكريس شعور عام بعدم الإفلات من العقاب، فإن بقاء مؤسسات الجماعات المحلية وهي التي تضطلع بأدوار مهمة في تدبير الشؤون المحلية في علاقتها بالمعيش اليومي للمواطنين، إضافة إلى الإمكانيات المالية الموضوعة رهم إشارتها، خارج تغطية المساءلة القضائية يعطي الانطباع بغياب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة داخل مؤسسات الجماعات المحلية. إن من شأن هذه الوضعية غير السوية أن تفتح شهية الكائنات الانتخابية من جديد للعض بالنواجد للبقاء على رأس الجماعات، وهو ما يفتح الباب أمام ممارسات انتخابية تسيء إلى سمعة المغرب وهو يحاول جاهدا القطع مع ممارسات التزوير، وشراء الذمم، وطبخ المجلس، واعتبار رئاسة الجماعات المحلية نوعا من الريع السياسي الممنوح لبعض الأحزاب...فهل سيشكل موعد 2013 الخاص بالانتخابات الجماعية محطة مفصلية للمرور إلى التأسيس لديمقراطية محلية حقيقية... هذا ورش كبير ينتظر الحكومة الحالية، خصوصا وأن بنكيران أعلن أن تدبير الانتخابات المقبلة سيكون تحت إشرافه المباشر.