الاحتجاجات الاجتماعية والتقارير 'الدولية' المخدومة
لم تكن في يوم من الأيام التقارير، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدولية، بعيدة عن الصراعات والنزاعات، ولم يكن لها من الحياد والموضوعية إلا الاسم. التقارير الموضوعية ليست للاستهلاك الإعلامي فهي موضوعة رهن إشارات الجهات المختصة التي تعيد تركيبها وتوظيفها، لكن ما يصدر في الإعلام هو تقارير مخدومة لتوجيه الرأي العام والانزياح به نحو أهداف مسطرة سابقا، بل تكون عاملا لتحريف المسارات الطبيعية للحوادث والاحتجاجات حتى تكون في خدمة أجندات مدروسة.
مناسبة هذا الكلام وسبب نزوله هو صدور تقرير دولي يحذر من احتجاجات اجتماعية بالمغرب. التقرير صادر عن منظمة دولية تسمى منظمة العدل والتنمية، تقرير في شكله يحتاج إلى وقفة أما من حيث المضمون فنحن نعرف ماذا تكتب قبل أن تكتبه.
ما معنى أن يصدر تحذير من منظمة دولية تجاه دولة؟ يعني أن هذه المنظمة جادة وموضوعية وتسعى للاستقرار في العالم وبالتالي تريد من هذا البلد أن يسبق الأحداث قبل وقوعها، لكن هل المنظمة المذكورة تتميز بهذه الخصائص؟
هذه المنظمة، التي تحذر المغرب اليوم من الاحتجاجات الاجتماعية، لديها سجل أسود في الإساءة لهذا البلد، حيث سبق لها أن اعتبرت المغرب بلدا محتلا للصحراء المغربية، كما اعتبرت اليهود هم السكان الأصليين لفلسطين حيث تحولت إلى مركز للتاريخ، وللربط فقط فإن المنظمة تشتغل على التمزيق ورسم خارطة برنار لويس من جديد.
لماذا صدر التقرير بالتوازي مع بعض الاحتجاجات التي عرفتها مدينة جرادة والحاجب وخروج هنا وهناك؟ ما الدافع وراء ذلك؟ وهل هذا الصدور محض صدفة أم هو بفعل فاعل؟ لم يُعرف عن المنظمة صدقيتها وموضوعيتها حتى يمكن الحديث عن براءتها من أي شكل من أشكال اللعب، ولهذا نقدر أن التقرير هو نوع من أنواع التوجيه إلى بعض العناصر التي تشتغل على الاحتجاجات الاجتماعية للوصول إلى العناوين السياسية.
إذا كانت المنظمة المذكورة تكره المغرب وتصدر حوله تقارير لا قيمة لها، فإن التقرير مخدوم بطريقة عشوائية حتى يقدم دعما للمغرضين. نذكر أنه ذات يوم وفي إطار التعاون الذي حصل بين جماعة العدل والإحسان والأمريكان، صدر تقرير يتحدث عن اضطرابات اجتماعية كبرى بالمغرب، فالتقط عبد السلام ياسين الإشارة وروج بين أتباعه رؤى ومنامات حول القومة سنة 2006.
يعني هناك توازن بين مطالب مغرضة وبعث إشارات لمن يعنيه الأمر واستغلال الاحتجاج الاجتماعي الطبيعي لأغراض خطيرة لا يعلم مداها إلا الله والراسخون في علم التحريك عن بعد.
المصيبة لا تكمن في التقرير ولا أسراره الغامضة والجهات الخفية التي تقف وراءه. ولكن هو استغلال التقرير من قبل جهات "مغربية" مما يسيء إلى الوحدة المغربية لمواجهة أي محاولة للاختراق كما حدث في حراك الريف، وتبين أن المرتبطين بالدولة الراعية لما يسمى الربيع العربي هم من يروج لهذا التقرير.
النهار المغربية