هل من الممكن أن نتوقع في سلسلة كارتونية ' رسوم متحركة' رئاسة شخص ما لبلد ما قبل حصوله..؟، ببساطة حدث الأمر قبل رئاسة ترامب لأمريكا..؟؟
المؤامرات حقيقة تاريخية لا أوهام ذهنية
يقول 'روتشيلد'، وهو الكاتب الحقيقي لما سُمِّيَ وعد بلفور: "إن الوصول إلى الهدف يبرّر استعمال أية وسيلة كانت.. إن الحاكم الذي يحكم بموجب القواعد الخُلُقية ليس بالسياسي الماهر.. لذا يجب على الذين يرغبون في السلطة أن يلجؤوا إلى الدسائس، والمؤامرات، والخداع؛ لأن الفضائل الاجتماعية الكبرى كالصدق، والاستقامة ما هي إلا عيوب كبرى في السياسة".. ومعلوم أنّ أسرة روتشيلد هي مُنْشِئَة عددٍ كبير من المستعمرات الصهيونية في فلسطين، وقد أصبح جيمس دي روتشيلد عضوا في مجلس العموم البريطاني بين [1929 و1945].. ويرى الكاتب البريطاني الكبير "السّيرْ وْلتَرْسكُوتْ" أن 'الماسونية' كانت تقف وراء مؤامرة اسمُها الثورة الفرنسية؛ ولم يأْتِ عام 1789، حتى كان في فرنسا أكثر من ألفَيْ مَحْفَل.. ويؤكّد قولَ 'ولتَرسكوت' ما حدث في مجلس النواب الفرنسي عام [1904] بعد بضْع أسئلة استجوابية تقدّمَ بها 'الماركيز روزانب' حول ما إذا كانت الماسونية الحرّة هي صانعةَ (الثورة الفرنسية)؛ قال: "إننا متفقون إذن بصورة كاملة على هذه النقطة بالتحديد، وهي أن الماسونية كانت الصانعَ الوحيدَ للثورة الفرنسية؛ وهذه التصفيقات التي أسمعها الآن في المجلس تبرهن على أن بعض الموجودين يعْلمون بذلك مثلي تماما.".
نعود الآن إلى مؤامرة 'وعد بلفور'، والرسالة المشؤومة.. هذه الرسالة حُشِر فيها حشرًا اسمُ "جلالة الملك]" في السطر الثاني من النص، وفي بداية الفقرة الثانية؛ وصاحب الجلالة لم يكن له دخلٌ بالموضوع بتاتا؛ وتقول العبارة في مكانين اثنين: "حكومة صاحب الجلالة"؛ والحكومة في بريطانيا ليستْ حكومة صاحب الجلالة في دولة ملكية برلمانية؛ فهي إمّا حكومة 'عمّال' أو 'محافظين' أو 'ائتلافية'؛ فهي إذن 'حكومة بريطانية' لا غير؛ مما يبين أن اسم جلالة الملك أُقحِم عسْفًا وعنوةً في نص الرسالة التي مهّدت للمؤامرة في فلسطين.. لكنْ ظهر أنّ الملك 'إدوارد الثامن'، بدأ يعارض سياسة بلاده، ويعتقد أنها غير صالحة، ولم يتحمّسْ لجريمة القرن، أي قيام دولة 'إسرائيل'، واستاء من الديون التي أثقل بها الصهاينةُ كاهلَ 'بريطانيا' بعد تتويجه في 20 يناير 1936،عندها فقط بدأ الصراع العنيف، لكنّ الملك لم يصمد طويلا، لأن الصهاينة لم يتركوه لحظة دون أن يشهِّروا به، وكان من بينهم الصهيوني المخلص "تشرشل"؛ لقد صوّروه للناس على أنه زير النساء، وأنّ له علاقة "بالسِّير أوزويلد موزْلّلي" المؤيّد للنازية، الذي سجنه 'تشَرْشل" مع آخرين، ولكنْ هذه الحملة أو المؤامرة لم تؤثر على سيرة الملك الجدّية والنظيفة..
لـمّا فشلت المؤامرةُ الأولى، اعتمدوا المؤامرةَ البديلةَ؛ كيف ذلك؟ عزم الملكُ على الزواج من سيدة أمريكية مطلّقة تُدعى 'سيمبسون'، عندئذ تحركت أجهزة الدعاية الصهيونية بكل قواها مثيرةً الرأيَ العام ضد هذه السيدة، وأصبحت هيَ القضية الشغل الشاغل لإنجلترا، وحُمِّل 'الميسْتر بَالْدوين' أوامرَ بشأن تنحية الملك عن عرشه؛ وكان على الملك اختيارُ أحد أمْرين: إمّا التخلّي عن العرش؛ أو التخلّي عن زواجه من [الميس سيمبسون]؛ فاختار الملكُ الحلَّ الذي يحفظ له كرامتَه، ولا يجعله ألعُوبةً في أيدي خصومه، وتنحّى عن العرش.. بعد تنحّي الملك 'إدوارد الثامن' عن العرش، قام عددٌ كبير من المثقّفين، والمفكّرين البريطانيين، بمن فيهم أعضاء البرلمان، وقادةُ الجيش المتقاعدون، بحملة واسعة، محاولين إقناع حكومة 'بالْدُوين' بحقيقة المؤامرة التي حيكت ضد الملك، ومن ضمنهم الأميرال 'باري دومڤيل' الذي كشف أنّ الصهاينةَ أصحابَ الأموال الكثيرة قد اشتروا المراكزَ الحسّاسة في الدولة.. أليست هذه مؤامرة يا من تُنْكرون المؤامرات؟
المؤامرات هي التي صنعت التاريخ في جزء كبير منه.. المؤامرةُ ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية: الكذب، والخداع، والخيانة.. ألمْ يُنْفَ جلالة الملك محمد الخامس طيّب الله ثراه بفعل مؤامرة الاستعمار، بتواطؤ مع عملائه في الداخل؟ ألم يتعرضْ جلالةُ الملك الحسن الثاني تغمّده الله برحمته لانقلابيْن، بفعل كلاب الداخل، ومساندة أسيادهم هناك؟ ألم يُخْلَق 'البوليساريو' بتعاون بين خصوم الخارج، وخونة الداخل؟ ألم تَقُمْ فتنةُ 'الحسيمة' بفعل دعاة الفتن، ومساندة أزلامهم في أوربّا؟ ألم يُمزَّق العالمُ العربي بفعل مؤامرات دنيئة شارك فيها صهاينة ادّعَوا إسلامًا كاذبا، وسمّوا الفتنةَ جهادًا؟ إذن اِحْذروا هؤلاء؛ واحرِصوا على سلامة ملكيتكُم وأمْنِ بلدكم، وافْضَحوا المتآمرين حيثما ثَقِفْتُموهم؛ ذلك خيرٌ لكم!
فارس محمد